نبذة عن الكتاب:
فمما لا شك فيه أن فقهاء المسلمين أولوا مسائل العقود عناية فائقة ؛ المسيس الحاجة إلى معرفة أحكامها ؛ إذ الإنسان فطر على حب تملك الأعيان والمنافع، ولا يتم ذلك – غالبا – إلا عن طريق العقود.
وصيغة العقد هي بداية إنشائه والالتزام به، وهي الوسيلة للكشف عن رضا العاقدين الذي شرطه الله لصحة عقود المبادلات المالية قال تعالى : ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَأۡكُلُوۤا۟ أَمۡوَ ٰلَكُم بَیۡنَكُم بِٱلۡبَـٰطِلِ إِلَّاۤ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً عَن تَرَاضࣲ مِّنكُمۡۚ وَلَا تَقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِیمࣰا﴾ [النساء ٢٩]
فالصيغة لها تعلق مباشر بحياة الناس، فلا يتم عقد إلا بها ؛ لذا كانت أحد أركان العقد. والصيغة في الفقه الإسلامي قسمان : لفظية وغير لفظية، ولكل من القسمين أحكام وتفصيلات ومسائل كثيرة دقيقة. وهذه الصيغة لا ينشأ بها عقد، ولا يترتب عليها أثر إلا إذا توفرت شروطها، وانتفت موانعها.
ومن هنا كان البحث عن أحكام صيغ العقود والكتابة فيه أمراً لا تخفى أهميته ، ولا تنكر فائدته، ولا يختلف اثنان في مسيس الحاجة إليه.
وقد زاد من الحاجة إلى بحثه، والتنقيب عن مسائله وجزئياته ، ما جد في عصرنا من الوسائل التي يسرت للناس الاتصال، واختصرت لهم المسافات الطوال وأصبح بإمكان الإنسان الذي في أقصى مشارق الأرض أن يخاطب من في أقصى مغاربها، وأن يتعاقد معه. وقد أفاد الناس من هذه الوسائل فاستخدموها في عقودهم ومعاملاتهم.
وبما أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، كان لزاما على طلاب العلم وخاصة الباحثين في الفقه الإسلامي أن يبينوا – حسب استطاعتهم – الحكم الشرعي لتلك العقود التي تجرى صيغها عبر هذه الوسائل. لهذه الأسباب وغيرها اخترت أن يكون موضوع رسالتي لنيل العالمية العالية “الدكتوراه” “صيغ العقود في الفقه الإسلامي” وقد لقي هذا الموضوع موافقة وتأييد جميع من استشرته من مشايخي الكرام، فقمت بالقراءة الشاملة فيه، والتخطيط له، ثم عرضته على قسم الفقه الموقر فوافق عليه وأقره. ومن الله أستمد العون والتوفيق، وأسأله الهداية للرأي السديد، والمنهج الرشيد إنه هو العزيز الحميد.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.